سباق الخيل من أقدم الرياضات التي عرفها الإنسان. فمنذ أن قام البشر بتدجين هذه الحيوانات القوية والسريعة، استخدموها في تنقلاتهم ونقل أحمالهم، وفي الحروب والصيد، وكذلك في التنافس والتحدّي كما في سباقات الخيول على جميع أنواعها. وكان العرب هم أول وأكثر من اهتم بالخيل منذ مئات السنين، فقاموا برعايتها وتدريبها وتحسين نسلها، وجعلوا من الخيل العربي إحدى أهم سلالات الخيل في العالم، وكانوا من أول الشعوب التي قامت بتنظيم سباقات الخيول، فتباروا في ما بينهم في مسابقات مختلفة ممتطين صهوات جيادهم بكل مهارة وجرأة.
وفي عصرنا الحالي، تنوّعت وتعدّدت السباقات التي يتنافس فيها الفرسان، من سباقات السرعة، إلى سباقات المسافات الطويلة وقدرة التحمل، وصولاً إلى سباقات القفز المختلفة والعروض الفنية وغيرها. وعندما نتحدث عن أنواع سباق الخيل الحديثة، لا بد من الإشارة إلى الرهانات التي تتخلل هذه السباقات. فسباقات الخيول هي من أكثر الرياضات جذباً للمراهنين. وقد أتاحت شبكة الإنترنت إمكانية المراهنة عن طريق بعض المواقع المخصصة لذلك بسهولة ومرونة، ودون الحاجة ليكون المراهن موجوداً في الميدان أو حتى في البلد الذي يجري فيه السباق.
الأنواع المختلفة من سباقات الخيول
تقسم أنواع سباق الخيل إلى أربعة أقسام أساسية هي: السباقات المسطّحة، سباقات القفز، سباقات العربات وسباقات التحمّل. يعرف معظم الناس السباقات المسطحة، لكن هناك أنواعاً كثيرة من أخرى من السباقات لنتعرّف عليها. سوف نغطي أنواع السباقات الأربعة ليتعرف القارئ على كل نوع ويختار سباق الخيل الذي يناسبه ليشاهده ويتابع أخباره.
السباقات المسطحة

هي أشهر أشكال سباق الخيل حول العالم. يكون شكل الميدان عادة بيضاوياً ودون منحدرات، أو مع منحدرات بسيطة. وتكون بعض الميادين ذات أرض عشبية كما في أوروبا، فيما بعضها الآخر رملي أو ترابي، كما في الولايات المتحدة الأمريكية أو دول الخليج. وقد ظهرت مؤخراً بعض الميادين ذات الأرضية المكونة من مواد مصنّعة غير طبيعية.
تتراوح المسافات في السباقات المسطحة بين 400 متر وتصل إلى 4 كلم، لكن الأكثر رواجاً هي المسافات بين 1 كلم و2.4 كلم. وبطبيعة الحال، كلما كانت مسافة السباق بالخيل قصيرة، كان متوسط السرعة للخيول المشاركة في السباق أعلى، وتكون السرعة هي المعيار الأساسي.
وفي السباقات الراقية ذات المستوى العالمي يُشترط أن يحمل كل حصان الوزن ذاته لتكون المنافسة عادلة، كما قد تعطى الخيول صغيرة السن والإناث بعض الأفضلية عندما تتنافس مع الذكور. وهناك فئات أخرى من هذه السباقات التي تسمّى “سباقات الإعاقة” حيث يحمل كل حصان وزناً معيناً بحسب قدراته. وإضافة إلى الوزن الذي يحمله، يتأثر أداء الحصان أيضاً بالمكان الذي ينطلق منه وبُعده عن الحلقة الداخلية لميدان السباق، وبجنس الحصان والفارس الذي يمتطيه.
سباقات القفز

لا يقتصر التنافس في هذا النوع من السباقات على الركض السريع، بل على تخطي حواجز وعوائق مختلفة الارتفاع والعرض. لذلك لا يكون المعيار الوحيد لتصنيف الخيول المشاركة في السباق هو الوقت الذي ينهي فيه الحصان السباق، بل أيضاً على تجاوزه لكل الحواجز دون أخطاء.
سباقات القفز حديثة العهد مقارنة مع أنواع سباق الخيل الأخرى من سباقات الخيل، فقد بدأت في أواسط القرن التاسع عشر، وكانت جزءاً من الألعاب الأولمبية للمرة الأولى في العام 1900 في باريس. استغرقت هذه المسابقات وقتاً طويلاً قبل أن يتم تنظيم قوانين ثابتة وواضحة لها. ففي وقت من الأوقات مثلاً لم يكن عامل الوقت في إنهاء السباق مأخوذاً بالاعتبار، بل فقط قدرة الجواد على تخطي الحواجز بأقل عدد من الأخطاء، لكن بعد ذلك أصبحت هذه القوانين دقيقة لدرجة أنها تميّز بين أن يطيح الحصان بالحاجز بقوائمه الأمامية أو الخلفية. وتؤخذ بالاعتبار أيضاً عوامل أخرى مثل سقوط الفارس عن الحصان، تجاوز الوقت المسموح به لكل جولة وغير ذلك من المعايير. إضافة إلى ذلك، باتت هذه السباقات تخضع لقوانين صارمة ودقيقة تتعلق بتفاصيل صغيرة لناحية التحكيم والشروط وأعمار الخيول وغير ذلك.
تتميز سباقات الحواجز بأنها مثيرة وحماسية، رغم أنها أقل انتشاراً من أنواع السباقات الأخرى، ويكون المضمار الذي تقام في أصغر حجماً، ما يتيح للجمهور مشاهدة كل تفاصيل المنافسة. تعتمد سباقات القفز على مهارة الفارس بشكل كبير، كما أن الخيول التي تشارك فيها تحتاج للكثير من التدريب الذي قد يستغرق حتى خمس سنوات. ويكون احتساب النقاط بحسب الوقت الذي يستغرقه الحصان مع فارسه لتخطي جميع الحواجز بترتيب معين مع أقل عدد من الأخطاء في تخطي الحواجز أو العوائق.
سباقات العربات

كما يشير اسمها، تجري سباقات العربات على أرض مستوية، لكن بدلاً من ركوب الفرسان على ظهر الخيول، تجر هذه الخيول عربات يجلس فيها الفارس. يكون التوازن أحد العوامل الرئيسية في هذه السباقات، حيث تجر الخيول عربات صغيرة ذات عجلتين اثنتين، وتمشي الخيول بأسلوب معين يختلف باختلاف السباق، فهناك أسلوب الهرولة، أو ما يسمّى بالعربية بالخبب، وأسلوب العدو.
تكون الخيول التي تشارك في سباقات الهرولة مدربة تدريباً جيداً، وتمضي الكثير من الوقت في التدريب والتسابق، وتحتاج إلى محترفين للتعامل معها وتدريبها لتصبح قادرة على المنافسة، خاصة إذا كانت تستخدم أسلوب الهرولة. فالهرولة هي حركة استثنائية في طريقة مشي الخيول تجمع بين المشي والعدو، ويلزمها اهتمام بالغ بحدوات الجياد المخصصة لهذا النوع من السباقات، والتي تُصنع بمواصفات معينة من الفولاذ أو الألومنيوم.
سباقات التحمّل

تم تنظيم أولى سباقات التحمل في كاليفورنيا في العام 1955، وكان طول مسار ذلك السباق 100 ميل على مرحلة واحدة في يوم واحد. بعد ذلك تم تنظيم هذا النوع من السباقات، وتعددت المسافات والشروط لكل سباق. فبعضها لا تتعدى مسافته العشرة أميال، أي ست عشرة كيلومتراً، بينما يصل بعضها الآخر إلى مئة ميل، أو مئة وستين كيلومتراً، أو ربما أكثر، وقد يقام على مراحل تمتد لبضعة أيام.
تقسم هذه السباقات ذات المسافات المختلفة إلى خمس فئات أساسية هي: الركوب الممتع (10 إلى 20 ميلاً)، غير تنافسي على أرض وعرة (21 إلى 27 ميلاً)، تنافسي على أرض وعرة (20 إلى 45 ميلاً)، تنافسي متقدم على أرض وعرة (25 إلى 60 ميلاً)، وسباق التحمّل الأقصى (40 إلى 100 ميل في اليوم الأول، وصولا ًإلى 250 ميلاً خلال أيام عدة).
سباقات الخيول في الدول العربية
للدول العربية تاريخ عريق مع سباقات الخيول والفروسية، وللخيول العربية وجود دائم في جميع المناسبات التي يكون محورها الخيل. وتشهد بعض هذه الدول، خاصة دول الخليج العربي، بعض أهم سباقات الخيول في العالم، خاصة في المملكة العربية السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة وقطر.
تضمّ هذه الدول أكبر وأهم مضامير السباق، وتنظم أشهر السباقات العالمية مثل كأس السعودية للفروسية الذي يعتبر أغلى سباق خيل في العالم، وتبلغ جوائزه 30.5 مليون دولار أمريكي، ويقام في ميدان الملك عبد العزيز للفروسية. وفي الإمارات ينظم كأس دبي العالمية على مضمار دبي الذي يتسع لأكثر من 60 ألف متفرج ما يجعله أحد أكبر المضامير حول العالم، فهو يضم فندقاً ومتحفاً للفروسية، وملاعب للجولف، وتبلغ جوائز السباق أكثر من 10 ملايين دولار أميركي.