قام البشر بتربية الخيول والاهتمام بها منذ آلاف السنين، وكانت هذه الخيول رفيقتهم في السفر وأثناء الحروب، ولجرّ العربات ونقل الأمتعة. لكن بسبب تطوّر وسائل النقل الميكانيكية، والاستغناء عن الخيول في هذه الحاجات الحيوية، بقي للخيل محبّون ومهتمون لكن لغايات أخرى. فالخيول في أيامنا هذه تُربّى للسباقات ومنافسات الفروسية والاستعراضات، كما للركوب لغاية الترفيه والتسلية. وتربية الخيول، خاصة الأصيلة منها، هي من الهوايات المكلفة جداً وليست متاحة لجميع الناس.
توجد أنواع عديدة من الخيول في العالم، ولكل نوع منها صفات وميزات مختلفة، فمنها ما هو سريع، ومنها ما هو قادر على التحمّل أكثر من غيره، ومنها الهادئ الذي يسهل ترويضه ومنها الجامح. وتختلف كذلك في أحجامها وألوانها وأشكالها. سنستعرض في هذا المقال بعض افضل حصان عربي أصيل في العالم، أسمائها، صفاتها، موطنها وغير ذلك من التفاصيل. ويبقى دائماً الأشهر والأفضل بينها الخيل العربي الأصيل، وبعض السلالات التي تنحدر منه.
الحصان العربي الأصيل
يعود أصل الحصان العربي الأصيل إلى الصحاري والبوادي، وقد تربّى في الظروف المناخية الصعبة، والأراضي الوعرة والرمال، إلا أنه كان الرفيق الدائم للعرب في حلّهم وترحالهم، وشاركهم وشاركوه كل أوقاتهم الهانئة والقاسية، واهتموا به أشدّ الاهتمام، مثل اهتمامهم بأولادهم في بعض الأحيان. نتيجة هذه العوامل اكتسب هذا الحصان صفات وميزات كثيرة، فجمع بين السرعة وقدرة التحمّل، والوفاء والطواعية والانصياع والوفاء لمالكه، إضافة إلى الصفات الجمالية من شكل ولون ورشاقة، فكان من الخيول المفضلة لدى الكثير من الناس، وليس فقط في الدول العربية.
يقال إن الحصان العربي يحب فارسه، ويعتبره جزءاً منه. وقد يعود السبب في هذا أن العرب من البدو اعتادوا أن يعيشوا في الخيمة ذاتها مع خيولهم، يأكلون وينامون معها ويعتنون بها عناية شديدة، فاعتادت هذه الخيول على مبادلتهم الوفاء بالوفاء، وأصبحت مع مرور الوقت أكثر طواعية وانصياعاً لسائسها وراكبها. وفي الزمن الحالي يقول الخبراء إن أسرع الخيول استجابة لأوامر وإشارات فارسها في السباقات هي الخيول العربية. وهذا أحد الأسباب التي تجعلها مفضلة خاصة في سباقات الخيل.
تمتاز الخيول العربية ببعض الخصائص الجمالية مثل الذيل الطويل الأملس الذي تكون قاعدته مرتفعة، الحجم المتوسط، الجسد الخفيف والرياضي، والمشية الرشيقة اللافتة. ومن الصفات الجميلة للخيول العربية أيضاً الألوان، فهي تمتاز بتعدد ألوانها من الأسود إلى الأحمر والأبيض بتدرجاتها الكثيرة، ووجود بقع لونية مختلفة خاصة على جبهتها وقائمتيها.
منذ عشرات السنين قامت محاولات لتهجين سلالة الخيول العربية مع سلالات أخرى، فنتجت عن ذلك أحصنة مميزة أخذت من الحصان العربي أفضل صفاته بالإضافة إلى احتفاظها ببعض صفاته الأصلية. وكانت بعض عمليات التهجين هذه ناجحة جداً بجميع المقاييس في بعض الحالات كما في خيول ثوروبريد.
خيول ثوروبريد
في بريطانيا، وبين القرنين السادس عشر والسابع عشر، تمّ استيلاد خيول من فصيلة جديدة عن طريق استخدام فحول عربية أصيلة، أبرزها الخيول الثلاثة المسماة “جودولفين العربي” الذي قد يكون أفضل حصان عربي أصيل في العام وأشهرها، “دارلي العربي” و”برايلي”. نتج عن هذه العملية خيول حملت في جيناتها أفضل ما في الخيول العربية من مواصفات مثل السرعة واللياقة البدنية والقدرة على التحمّل والجري لمسافات بعيدة. سمّيت هذه الفصيلة الجديدة “ثوروبريد”. تابع الكثير من مربّي الخيول عملية تهجين وتأصيل هذا النوع من الخيل حتى أصبحت اليوم من أشهر الخيول المستخدمة في السباقات حول العالم.
تتميز خيول ثوروبريد بحساسيتها وروحها العالية. يبلغ معدل ارتفاعها 163 سنتم، وتزن حوالي 450 كلجم. رؤوسها نحيفة، أجسادها رشيقة وظهورها قصيرة، وعظام قوائمها قصيرة. لونها في الغالب بني كستنائي، وفي بعض الأحيان أسود أو رمادي. من أبرز صفاتها قوة التحمّل في المسافات الطويلة. لهذا السبب هي أكثر الجياد المستخدمة في السباقات الطويلة، وتستخدم كذلك في الصيد، القفز ورياضة البولو بحسب تدريبها.
حصان عربي أصيل التركماني
للحصان التركماني شهرة كبيرة في كونه سريعاً، لديه قدرة احتمال عالية، والأبرز بين صفاته لونه المعدني الفريد، الذي لا يجاريه فيه أي نوع آخر من الخيول. لهذا السبب يُسمى هذا الحصان بالحصان الذهبي. يُعتقد أنه من أقدم سلالات الخيول على الإطلاق.
يمتلك الحصان التركماني حجماً متوسطاً حيث يبلغ معدّل ارتفاعه 160 سنتم، أذناه كبيرتان، ذيله منخفض ومتناثر. يتمتع هذا الحصان بالقوة والصلابة ولا يحتاج لكميات كبيرة من الطعام. وبسبب جسمه الرياضي يُستخدم كثيراً في مسابقات قفز الحواجز واستعراضات الفروسية، كما في السباقات ذات المسافات الطويلة والأراضي الوعرة. وقد حازت خلال تاريخ المسابقات الدولية والألعاب الأولمبية على ألقاب عديدة.
الحصان الفريزيان
سمّيت خيول الفريزيان نسبة لمنطقة فريزلاند في هولندا حيث تعتبر الموطن الأساسي لهذه الخيول المميزة. أكثر ما يميز هذه الخيول هو لونها شديد السواد واللامع، وعُرفها وذيلها ذو الشعر الكثيف الطويل، كما يغطّي الشعر الكثيف أسفل قوائمها. يعتبرها البعض من اجمل الخيول في العالم. حجم الحصان الفريسيان كبير نسبياً، وهو قادر على حمل أوزان أكبر من غيره من الخيول، لهذا استخدمه الفرسان في العصور الوسطى، إذ كان قادراً على حمل الفارس مع أسلحته ودرعه الثقيل. شكل الفريزيان المميز جعله مطلوباً جداً في عروضات الفروسية والمهرجانات ولجرّ عربات تقليدية خاصة في بعض المناسبات.
أول سجلات معروفة عن خيول الفريزيان تعود إلى القرن الحادي عشر، والمرجح أن هذه الخيول تم تهجينها عرَضاً مع الخيول الأندلسية خلال الحملات الصليبية على الشرق، فنتج عن ذلك خيول أخفّ وزناً وحجماً لكن أقوى وأكثر تحمّلاً من أسلافها الأصليين. كادت هذه الخيول أن تنقرض في بداية القرن العشرين بسبب قلّة الاهتمام باستيلادها، والاستيلاد العشوائي مع سلالات أخرى، إلا أن المهتمين عادوا وجمعوا ما استطاعوا من هذه الخيول التي حافظت على نقاء دمها، وتم استيلادها من جديد على نطاق واسع، فنجت هذه الفصيلة من الانقراض الحتمي.