المملكة العربية السعودية هي مهد الخيل العربي منذ آلاف السنين، وقد حافظ جميع من سكنوا هذه الأراضي منذ ذلك الحين على اهتمامهم بالخيول وتربيتها وتحسين نسلها، فكانت الخيول العربية التي نشأت من هذه الأرض السبّاقة أينما حلّت. وقد حافظت المملكة جيلاً بعد جيل على هذه التقاليد الأصيلة، وواكبت العصر في التطور في تربية الخيول وتأصيلها، فاستخدمت أحدث الوسائل العلمية الحديثة لتحافظ على امتلاكها أفضل الخيول في العالم كما اعتادت.
بدايات سباق الخيول في المملكة العربية السعودية
اهتمّ الملوك والأمراء العرب على مدى الأجيال برياضة ركوب الخيل، وكانوا من أول من امتلك وامتطى الخيول العربية الأصيلة، وشاركوا في السباقات بأنفسهم وحققوا نتائج باهرة. وفي المملكة العربية السعودية كان الملك عبد العزيز (رحمه الله) من أول المالكين لأفضل الخيول في المملكة. والمعروف أن الأمراء السعوديون كانوا يتنافسون في سباقات على صهوات خيولهم العربية الأصيلة في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة الرياض، حيث كان الملك يجلس على ربوة مرتفعة قريبة ليشاهد السباق. وفي الموقع ذاته تمّ تشييد مبنى النادي الرياضي التابع لنادي سباقات الخيل الذي أنشئَ لاحقاً في مدينة الرياض كأول نادٍ من نوعه في المملكة. وكانت الخطوة الهامة التالية في تعزيز مداميك سباقات الخيل والفروسية في المملكة إنشاء ميدان الملك عبد العزيز للفروسية في الجنادرية تخليداً لذكرى المؤسس الأول. ويعدّ هذا الصرح أساساً في تطوّر الفروسية وتبلغ مساحته تسعة كيلومترات مربعة.
نادي سباقات الخيل في السعودية
تم تأسيس نادي سباقات الخيل في المملكة العربية السعودية في العام 1965 برئاسة الملك عبد الله بين عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد. تولى هذا النادي إدارة وتنظيم قطاع سباقات الخيل وإدارته، ووضع المعايير والأسس لتربية الخيول وإشراكها في السباقات. وهدفُ النادي بحسب تنظيمه الرسمي إقامة سباقات الخيل في المملكة العربية السعودية وتنظيمها، التشجيع على الاستثمار فيها، نشْرُ ثقافة سباق الخيل في المملكة العربية السعودية والتشجيع على تربية الخيول والاشتراك في السباقات المحلية والعالمية، والتخطيط لتطوير السباقات المحلية، وكذلك الإشراف على ميادين السباق. ومن اختصاصات النادي كذلك وضع سجلات وتقييد بيانات الخيل السعودي للمحافظة على أصالته، وإصدار الوثائق الخاصة بالخيل والتراخيص الخاصة بالأندية وميادين السباق والخيالة والمدربين. كما يتعاون النادي مع الجامعات ومراكز البحوث العلمية لإجراء الأبحاث العلمية الخاصة بالخيل، خاصة خيل السرعة.
ويبقى أهم اختصاص للنادي تنظيم سباقات الخيل المحلية والدولية في المملكة بمعايير عالمية، والإشراف عليها، ومنح الجوائز السخية لتشجيع المشاركة ذات المستوى العالي، وكذلك تنظيم المهرجانات والفعاليات والمؤتمرات المتعلقة بالخيول العربية، بالتعاون من الهيئات والمنظمات الدولية ذات الصلة.
أهم سباقات الخيل في المملكة العربية السعودية
تتضمن روزنامة سباقات الخيل في المملكة العربية السعودية سباقات كثيرة، تتنافس في ما بينها في التنظيم الاحترافي لاجتذاب أهم مربّي ومدربي الخيول في الدول العربية والعالم، ولتثبت دائماً أن السعودية كانت وستبقى قبلة المهتمّين برياضة الفروسية وسباقات الخيول في العالم. سنستعرض في ما يلي أهمّ سباقات الخيول التي تنظم سنوياً في السعودية:
كأس السعودية
ينظّم نادي سباقات الخيل كأس السعودية لسباق الخيل، وهو أهمّ حدث رياضي دولي في هذه الرياضة، ومن أغلى سباقات الخيل في العالم. نُظّم للمرة الأولى في العام 2020، ويعتبر من أهمّ النشاطات المساهِمة في زيادة الوعي حول أهمية سباقات الخيول، وفي تشجيع الجميع رجالاً ونساءً على المشاركة في سباق الخيل بالمملكة العربية السعودية. يهدف أيضاً إلى الترويج لرياضة الفروسية في السعودية على المستوى العالمي، وإلى تعزيز المقومات السياحية والاستثمارية في البلاد.
يقام هذه السباق على حلبة الملك عبد العزيز في الرياض، على مسار عشبي يبلغ 1,800 متر بعرض 24 متراً، وتشارك فيه عشرات الجياد من جميع أنحاء العالم بقيادة مدرّبين معروفين، ويبلغ مجموع جوائزه أكثر من 30 مليون دولار. كما تنظَّم على هامش السباق سباقاتٌ جانبية لفئات مختلفة من الخيل، وعلى مسارات عشبية وترابية بمسافات متفاوتة.
نُظّم كأس السعودية للمرة الأولى في العام 2020 وفاز بالمركز الأول الحصان “ماكسمان” بقيادة الفارس لويس سايز ومدربه جايسون سيرفيس. وفي الموسم التالي في العام 2022 فاز الجواد السعودي “مشرف” الذي يمتلكه الأمير عبد الرحمن بن عبد الله الفيصل، بقيادة الفارس ديفيد إيغن والمدرب جون. أما في الموسم الماضي 2022 فأحرز اللقب الجواد “إيمبليم رود” الذي يمتلكه الأمير سعود بن سلمان بن عبد العزيز، بقيادة الفارس ويغبيرتو راموس ومدربه السعودي متعب الملوّح.
كأس المؤسس الملك عبد العزيز
هذه البطولة مخصصة للخيول المنتجة محلياً والتي يصل عددها إلى 2500 سنوياً. ينظمها أيضاً نادي سباقات الخيل، وتصل قيمة جائزته الأولى إلى أكثر من خمسة ملايين ريال سعودي. تم تنظيم كأس المؤسس للمرة الأولى في العام 1999، وكانت الذكرى المئوية الأولى لتأسيس المملكة على يد الملك عبد العزيز، بقرار من الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي كان رئيس نادي الفروسية في ذلك الوقت.
وكان أول الفائزين بكأس المؤسس في نسخته الأولى الحصان “طويل” مع خياله الإيرلندي مايكل ماكينان، وآخر الفائزين المهر “جوهر” والخيال أليكسس مورينيو. ومن أهم من أحرز الجائزة الكبرى في كأس المؤسس الخيال سيباستيان مدريد، الذي فاز بها ثلاث مرات، اثنان منها مع الجواد “طالع”، ومرة مع الجواد “ناجب”. وفاز بالكأس ثلاث مرات أيضاً الخيال مايكل برزلونا مع ثلاثة جياد مختلفة هي “متوالي”، “النجم الفائز” و”كافلة”.
كأس خادم الحرمين الشريفين
وعلى ميدان الملك عبدالعزيز للفروسية بالجنادرية، ومن تنظيم نادي الفروسية أيضاً، تنظم كأس خادم الحرمين الشريفين. تتنافس الخيول في هذه الكأس على مستويين، الأول خاص بالخيول المنتَجة في السعودية والثاني للجياد المستوردة. وتبلغ قيمة جائزة كل من السباقَين أكثر من مليون ونصف مليون ريال سعودي، إضافة إلى هدية عينيّة لصاحب الجواد المحلّي الفائز.
بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين للقدرة والتحمّل
تنظم هذه الكأس الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتعاون مع الاتحاد السعودي للفروسية. وكانت النسخة الأولى منها في العام 2019. يجرى السباق في محافظة العلا لمسافة 120 كليومتراً. تعتبر هذه الكأس إحدى البطولات الهامة في هذا النوع من السباقات، ويشارك فيها النساء والرجال في منافسة متكافئة دون أي تمييز، بحيث بلغت نسبة النساء المشاركات في سنة 2022 حوالي 15% من مجموع المشاركين، وكان المركز الثالث من نصيب امرأة هي الفارسة الفرنسية مارغو شازيل.