لم تكن دبي, قبل بضعة عقود, سوى مدينة لصيد الأسماك واللؤلؤ على طول الجدول.كانت الحياة صعبة في قساوة هذه الصحراء. قاموا بتربية الأغنام والماعز للطعام والصوف الذي يعد ضرورة أثناء الشتاء. استخدموا الصقور للصيد والخيول للحروب. ولكن قبل كل شيء, أصبح حيوان وحيد جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية, لولا هذا الحيوان الجبار لكان من المستحيل عليهم البقاء على قيد الحياة في الصحراء.نتحدث هنا عن الجمال – سفينة الصحراء. نجد نظريتين سائدتين حول سبب تسميتهما ب”سفينة الصحراء”. تشير النظرية الاولى أنه بسبب طريقة سيرهم, يتأرجحون جنباً لجنب مثل سفينة في بحر هائج. أما النظرية الثانية, تتحدث عن قدرة هذه الحيوانات المذهلة على اجتياز الصحراء وبحمل ثقيل الوزن على ظهورها.
الجمال والتراث العربي
تعتبر الجمال من ممتلكات العرب الثمينة. وقد كانوا يفخرون بالعدد الذي يمتلكونه منها. كانت الجمال باهظة الثمن وكانت تشكل مصدراً للصوف والغذاء و النقل. في الماضي, كان العقال مصنوعاً من صوف الإبل. يثبت العرب شغفهم بالشيئ عندما يحبونه كثيراً, يجري الشعر في دمائهم, عليك فقط بالنظر الى حجم القصائد التي نظموها عن الجمال لتفهم حبهم لها. إنهم ينادون جمالهم كما لو انهم ينادون بعضهم بعضاً.
برغم سيطرة التكنولوجيا الحديثة اليوم على جزء كبير من دبي, ما زال العرب يحبون جمالهم, والعديد من مزارع الجمال في أنحاء البلاد دليل على ذلك. لن ترى الجمال بعد الآن في مدينة دبي باستثناء مناطق الجذب السياحي. تم العثور عليها غالباً في المزارع في ضواحي المدينة. ولكن هناك بعض من العائلات البدوية التي لديها جمالها الخاصة حتى اليوم.
سباق دبي للإبل
ان سباق الابل عبارة عن جمال وسط الفوضى. كانت سباقات الإبل في السابق تقام في حفلات الزفاف واحتفالات اخرى. لكن القرن الماضي شهد طفرة تكنولوجية في الإمارات والمناطق المجاورة. لاحظ حكام دبي أن ثقافة سباق الإبل بدأت بشق طريقها الى النسيان مع بداية الحداثة, فعملوا على إعادة إحياء هذا الجزء من التراث العربي. يعد سباق الإبل اليوم من بين أغلى السباقات في العالم, يشارك المئات من الإبل في بطولة منتظمة, ويأخذ صاحب الجمل الفائز مبلغاً جيداً من المال.
لا يعد سباق دبي للإبل مكاناً للإماراتيين فقط, ففيه يشارك أصحاب الجمال من الدول المجاورة مثل عمان والمملكة العربية السعودية. وبصرف النظر عنهم, نرى ان هذه السباقات محبوبة ايضاً من قبل السياح الذين يتوافدون نحو دبي.
يأتي موسم مسابقة الهجن بين تشرين الاول/أوكتوبر ونيسان/أبريل في أشهر الشتاء. تقام سباقات ثانوية اخرى على مدار العام, حتى خلال موسم العطلات. تقام سباقات الابل في الصباح الباكر يومي الجمعة والسبت.
يتوجب عليك إحضار منظارك للسباق, خلاف ذلك, يمكنك مشاهدة الجمال وهي تجري على الشاشات الضخمة في المدرجات. لكنهم بدؤوا مؤخراً بتسيير حافلات للسائحين تتحرك بموازاة مضمار السباق مع سيارات أخرى للحصول على تجربة مشاهدة أفضل. نأمل ان ينتشر هذا الفعل في السنوات القادمة.
إن حضور سباقات الجمال في دبي مجاني بالكامل. ولكن سيكون هنالك اندفاع كبير. لذلك سوف تحتاج الى الاتصال قبل ايام قليلة لحجز مكان لك. اضافة الى انه عليك الحضور باكرا يوم السباق لتأمين مقعد لك, وإذا كنت في وقت مبكر كفاية فيمكنك التقاط صور مع جمال السباق. على عكس سباقات الخيل, حيث يرتدي الجميع ملابس مثيرة للإعجاب, فان سباقات الهجن غير رسمية ومشاهدتها هي طريقة للتعرف على تراث وثقافة دبي.
فرسان الروبوت – سباقات الهجن
نتج عن استخدام التكنولوجيا الى تحديث الرياضة التقليدية لسباق الهجن. قررت الامارات العربية المتحدة, عام 2001, منع استخدام الأطفال في سباقات الهجن. لكن في الوقت نفسه, شهد العالم تطور فرسان الروبوت. ركب الفرسان الاطفال جمال السباق قبل الروبوتات. لذلك تعتبر الروبوتات بديلاً اكثر اماناً من الفرسان البشر. اضافة بأن البشر أثقل وزناً ويبطئون من سرعة الجمل.
تصنع الروبوتات من معادن مثل الالومينيوم, وذلك للحفاظ على وزنها في الحد الأدنى. يزن الفارس الآلي في هذه الايام حوالى ال 27 كغ, وكلما انخفض الوزن زادت سرعة الجمل. تأتي الروبوتات ايضاً مع بعض الميزات المفيدة مثل GPS, والذي يساعد على تتبع سرعة الجمل وموقعه, وجهاز استشعار معدل ضربات القلب لمراقبة صحة الجمل.
سباق المرموم للهجن
يعد مضمار المرموم لسباق الهجن أكبر مضمار من بين مسارات عديدة للسباقات في دبي, وهو يقع في نادي دبي لسباق الهجن. يبعد نصف ساعة بالسيارة من مدينة دبي الرئيسية في منطقة الليسيلي القريبة من قرية المرموم التراثية. تقام سباقات الإبل فيها كجزء من المهرجانات التراثية السنوية.
البطولة السنوية في المرموم هي أرقى سباقات الهجن في دبي. يحصل الفريق الفائز, في هذا السباق, على سيارات فاخرة وجوائز مالية قدرها 80 مليون درهم وجوائز تذكارية. علاوة على ذلك, سيحصل الفائز على سعر خيالي ثمن جمله, والذي عادة ما يشتريه شخص ما من العائلة المالكة.
يوم سباقات الهجن
تبدأ الجلبة في وقت مبكر من يوم السباق. عادة ما يكون هنالك جولتي سباق في الصباح الباكر بين الساعة السابعة والتاسعة صباحاً اضافة لبعد الظهر بعد الساعة الثانية. سيكون هناك ما بين 15 الى 60 جملاً في سباق واحد. سيتم تزيينهم بملابس براقة للمساعدة في رؤيتهم من بعيد. ستجد الإثارة في كل مكان.
يجب ان يخضع الإبل لعملية الاحماء قبل السباق, لذلك, يتم اخذ الجمال, قبل حوالى الساعة من السباق الفعلي, في سباق قصير مع التأكد من عدم انهاكهم. توضع الجمال قبل بوابات خط البداية, كما هو الحال في سباقات الخيول. وعند الصفارة تفتح كل البوابات التي يفتحها المدربون الذين يرتدون خوذ حماية الرأس وواقيات الصدر. وبمجرد فتح البوابات, تنطلق الجمال بسرعة في الحين الذي يمهد لها الفرسان الطريق في غمضة عين.
يتبع اصحاب الجمال والمدربون جمالهم في سيارات الدفع الرباعي. اضافة لتواجد طاقم إعلامي في سياراتهم يبثون احداث السباق بأكمله. يملك المدرب جهاز تحكم عن بعد للتحكم بالفارس الروبوت. في الحين الذي يضغط فيه على الجهاز, تقوم يد الروبوت بجلد الجمل لجعله يركض بشكل أسرع وذلك بعد إتباع طريقة تدريب للهجن. باستطاعتك ايضاً رؤية المالكين يقودون الجمل عبر مكبرات الصوت.
يبلغ طول سباقات الهجن 10 كيلومترات. تجري كل الجمال في البداية بموازاة بعضها البعض. ولكن مع اقترابهم من خط النهاية (المميز بعلامة حمراء) سترى المسافات المتفاوتة فيما بينهم. يستمر السباق من 10 الى 15 دقيقة. ستسمع الحشد يهتف ويصرخ عندما تمر الجمال عبر خط النهاية واحدة تلو الاخرى.
مستشفيات ومختبر الإبل
يعتبر مضمار سباق المرموم المركز الرئيسي لرعاية جمال السباق في دبي. يجري فيه مختبر الإبل دراسات عليهم لزيادرة قدرتها على التحمل والمقاومة. ينتج ايضاً الإبل المعدلة وراثياً والتي تكون أقوى وأسرع من خلال التربية الإنتقائية والاستنساخ وفقاً لإرشادات إتحاد الإمارات لسباق الهجن الصارمة. تنافس الفحوصات المخبرية للإبل الممارسات الخاطئة مثل تناول المنشطات قبل كل سباق تمهيدي.
جمال السباق
تصنف الإبل في شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا على أنها من الجمال العربية. تمتلك هذه الإبل حدباً واحداً فقط, وهي أطول, اضافة الى أنها تتأقلم مع درجات الحرارة الشديدة. يطلق على نوع الإبل ذات الحدبتين إسم باكتريان, وتوجد في مناطق آسيا الوسطى. تستخدم في السباقات الجمال العربية فقط, و يسعى للبحث عن النياق على وجه الخصوص.
يتم إستخدام سلالات محددة فقط من الإبل في السباقات في دولة الإمارات العربية المتحدة – السلالة الأصلية التي تسمى المحليات, السلالة السودانية المسماة السودانيات, عمانيات من عمان, والسلالة الهجينة التي تسمى المهجنات. باستطاعة جمل السباق الركض بسرعة 65 كلم/الساعة في سباقات العدو القصيرة وبسرعة ثابتة تبلغ 40 كلم/الساعة.
يبدأ تدريب الجمال المختارة عند سن العامين. يعتبر من المخالف للقوانين استخدام الإبل الأصغر سناً من ذلك نظراً لعدم اكتمال نمو عظامها وعضلاتها. لا تحتفظ السلطات بسجل لعمر كل جمل, ولكن بدلاً من ذلك يتم تحديد عمر الجمل من خلال النظر إلى حجم اسنانها. تستعمل بخاخات خاصة لوسم الجمال المعتمدة للسباقات, وكل إبل لا يحمل ذاك الوسم لا يسمح له بالتسابق.
قم بتجربة رياضة الهجن بنفسك
هناك عدد قليل من الأماكن في دبي حيث يمكنك أن تجرب رياضة الهجن بنفسك. يضم نادي دبي للبولو والفروسية مرافق لرياضة بولو الجمال.
أهم حلبات سباق الهجن في الإمارات
على الرغم من وجود العديد من حلبات سباقات الهجن في البلاد (حوالي 15 منها), نذكر أهم ثلاث منها:
- المرموم
- الوثبة في إمارة أبو ظبي
- السوان في إمارة رأس الخيمة
أهم أحداث سباقات الهجن في دبي
أهم بطولتي سباق الهجن في دبي هما:
- مهرجان الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم لسباق الهجن
- مهرجان المرموم التراثي
ألق نظرة على التراث البدوي
إذا كنت ترغب بإستكشاف تراث دبي, فإن الصحراء هي أفضل مكان للبدء. ستتيح لك رحلة السفاري الصحراوية في دبي أن تعيش مثل العرب القدامى في مخيم صحراوي لفترة من الوقت. ستتمكن أيضاً من ركوب الجمال والمشاركة في العديد من المغامرات الصحراوية الأخرى.