الهجن نوع من الإبل تُستخدم للركوب والسباقات، وتتميز برشاقتها وسرعتها وقدرة تحملها للجري مسافات طويلة. والمعروف أن العرب من سكان شبه الجزيرة العربية هم أشهر وأقدم من ربّى الإبل واستخدمها على مدى قرون مضت، فأولوا هذه المخلوقات عناية خاصة، واهتموا بتربيتها وتحسين سلالاتها وأقاموا السباقات والمنافسات.
حافظت الدول العربية خاصة دول الخليج العربي على تنظيم واستضافة سباقات الهجن، وتطوَّر الأمر مع الوقت بحيث أصبح سباق الابل من المناسبات الرياضية الأساسية في الكثير من هذه الدول وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة، قطر، سلطنة عمان وغيرها. وأولت الجهات الرسمية في هذه الدول سباقات الهجن الكثير من الدعم والتشجيع للمحافظة على هذه الرياضة، فقامت بكل ما يلزم من بناء منشآت ووضع قوانين وأسس لتوفير بيئة حاضنة تساعد على المزيد من التطور والتقدم والتفوّق في هذه الرياضة العريقة.
مواصفات الهجن المخصّصة للسباقات
تتصف الجمال التي تخصّص للسباقات بأنها إبل أصيلة من سلالة النوق العربية “الأصايل”، وبقدرتها على الجري بسرعة لمسافات طويلة، والاستجابة للتدريب. وهي من الإبل ذات السنام الواحد، ذات الأعناق الطويلة ولديها قوائم وأكتاف قوية. يتراوح وزنها بين 500 و600 كجم، أي أنها نحيفة نسبياً، خفيفة الحركة ورشيقة. كما توجد بعض المعايير والميزات التي ينظر إليها الخبراء على أنها هامة ومنها حجم الرأس، شكل الأذنين وحجمهما وغير ذلك.
والجدير بالذكر أن هناك أسماء معينة تعطى للإبل بحسب جنسها وعمرها. فتسمى الذكور من الإبل حتى عمر خمس سنوات “القعدان”، وإذا تجاوزت هذا العمر تسمى “الزمول”. كما تسمّى الإناث حتى عمر خمس سنوات “البكار”، وتسمى “الحول” عندما تتجاوز هذه السن. وغالباً ما تكون الهجن المشاركة في السباقات متكافئة في العمر والجنس.
تدريب الهجن
قبل المشاركة في سباق الابل تخضع الهجن للكثير من التدريب والتمرين من قبل مدربين مختصين. وعملية التدريب هذه ليست سهلة، بل هي معقدة وطويلة في بعض الأحيان خاصة في مرحلتها الأولى التي تتطلب ترويض الجمل عن طريق ربطه بطريقة معينة دون إيذائه حتى يهدأ.
بعد ذلك تبدأ مراحل تعويده على الجري لمسافات تطول بشكل تدريجي، ويعطى الجمل خلالها مكافأة عبارة عن طعام مكوّن من كميات وافرة من البرسيم وشراب من الحليب عندما يكون أداؤه جيداً، إضافة إلى التربيت عليه وملاطفته. فالجمال معروف عنها أنها حيوانات ذكية ومزاجية، لهذا يجب أن يكون المدرب حذراً وذكياً ليعرف كيف يتعامل معها ويدفعها إلى أن تعطي أفضل ما لديها من إمكانيات.
ميادين سباق الابل
تمتاز ميادين سباق الهجن بشكلها الدائري أو البيضاوي وأرضها الرملية أو الترابية، وتكون مسافة السباق بين 8 و22 كيلومتراً. تجهز هذه الميادين بمنصات مخصصة لجلوس المتفرجين لمتابعة المراحل المختلفة من السباق.
أدخل العديد من التقنيات الحديثة على ميادين مسابقة الهجن، ومن هذه التقنيات مواكبة الهجن المتسابقة بسيارات تسير على طرقات محاذية لميدان السباق. تحمل هذه السيارات كاميرات لتصوير الهجن أثناء جريها، وتنقل الصورة إلى أجهزة البث التلفزيوني وإلى شاشات كبيرة توضع أمام منصات المشاهدين لتسمح لهم بمتابعة السباق عندما تكون الهجن المتسابقة بعيدة عن المنصة. إضافة إلى ذلك توجد كاميرات وأجهزة توقيت دقيقة لتحديد الهجن الفائزة عندما يصل أكثر من واحد منها معاً إلى خط الوصول.
تنظيم سباق الابل
تقسم الهجن المشاركة في السباق إلى فئات بحسب جنسها وعمرها ومستواها لكي تكون هذه السباقات متكافئة. فتشارك الجمال والنوق في سباقات منفصلة، إلا أنها أحياناً تشارك معاً في سباقات مفتوحة يسمح فيها للجميع بالمشاركة لتعزيز روح التنافس واكتساب الخبرة خاصة للمبتدئين.
كذلك يقوم منظمو السباقات بفرض قواعد صارمة على المتسابقين مثل إجراء فحوصات خاصة للهجن الفائزة للتأكد من عدم إعطائها أية منشطات، ويعمدون إلى منع استخدام وسائل غير مشروعة في تحفيز الهجن خلال السباق مثل النبضات الكهربائية وغيرها. إضافة إلى هذا، يعمد المنظمون أحياناً إلى إلزام أصحاب الإبل بزرع شريحة إلكترونية في الهجن تتضمن جميع البيانات الخاصة بها ليتم التعرف إليها من خلال جهاز قراءة الشرائح الإلكتروني منعاً للتلاعب والغش.
راكبو الهجن
يسمّى الفارس الذي يعتلي ظهر الهجن في السباق “الركبي”، ويجب على هذا الركبي أن يكون معتاداً على مطيّته ومتدرباً على كيفية التعامل معها، وأن يكون عارفاً بقواعد السباق بتفاصيلها. كذلك يجب على هؤلاء الفرسان أن يحافظوا على لياقتهم البدنية وقدرتهم على التحمّل إضافة إلى المحافظة على خفة أوزانهم، التي تعتبر عاملاً مصيرياً. فكلّما كان وزن الفارس أقل، كان الحمل على ظهر الجمل أخفّ وأداؤه أفضل.
وفي عصرنا الحالي تم في كثير من الأحيان استبدال “الركبي” بالراكب الآلي الذي يعتبر من أهم التقنيات الحديثة التي أدخلت على سباقات الهجن. وهذا الراكب عبارة عن جهاز روبوت مغطى بالقماش يعتلي ظهر الجمل ويشبه شكله شكل الفارس الحقيقي، وبإمكانه أن يقوم بكل ما يقوم به الفارس لحثّ الهجن على الجري السريع، كما يمكن التحكم به عن بعد بواسطة جهاز خاص. يحدّ استخدام الراكب الآلي من الإصابات لدى راكبي الهجن ويخفض من أضرار الحوادث إن حصلت، كما أن الراكب الآلي خفيف الوزن ولا يزيد وزنه على أربعة كيلوجرامات.